الكفاح نيوز - عبدالله التهامي
بناتك أمانة
قد لا يدرك بعض الآباء أن هناك مهمة عظيمة يسألون عنها يوم القيامة وهي هل قاموا تربية بناتهم بالطريقة الصحيحة والسليمة، عزيزي الأب يجب أن تدرك قيمة وحجم الرسالة السامية في التربية، والقيم والأخلاق التي يجب أن تتوفر في تربيتك لبناتك في هذا المجتمع المسلم.
إن أحسنت في التربية بالطريقة الصحيحة ستنال الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
ففي الحديث الذي رواه مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه، وفي سنن ابن ماجه وحسنه الألباني قال صلى الله عليه وسلم ما من رجل تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة.
ولكي ينال الأب هذا الأجر يجب عليه تربية البنات تربية سليمة وبعناية كبيرة، ولكن بعض الناس قد يستسهل أمر التربية عموماً للبنين والبنات، فالتربية ليس أكل وشرب فقط، التربية عطاء الثقة ولا تقلل من شأن البنات في طريقة التعامل والتربية ليست بالشدة والحزم والضغط الذي يصل أحياناً إلى الضرب والحرمان وكافة أنواع الإيذاء البدني والنفسي والإستفزاز بطريقة الكلام...إلخ. والتربية ليست توارث الناس لتلك المفاهيم في تراثهم الشعبي .
عزيزي أبو البنات هناك طرق بالتربية ووقفات في تربية الرسول لبناته، في تربية البنات شرف كبير للمسلم لأنه يتبع سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أباً لأربع بنات فرباهن وأدبهن وأحسن تربيتهن حتى أثمرت تلك التربية النبوية في بناته مثل السيدة فاطمة رضي الله عنها التي روى البخاري قول رسول الله لها قبيل وفاته أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين.
البنات مخلوقات رقيقة ناعمة ضعيفة لا يصلح معها ما قد يصلح من الشدة والغلظة أو مخاطبتهن بإستفزاز أو معاملتها بوحشية التي ربما يتعامل بها بعض الآباء مع أبنائهم أو بناتهم ، فهي التي تنشأ في الحلية والزينة ولا تمتلك القدرة على المجادلة والخصومة، قال الله عز وجل (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) ولذلك تحتاج تربيتهن إلى وسائل أخرى تتناسب مع رقتهن وتكوينهن الفطري الذي خلقهن الله به قد يظن بعض الآباء أن دورهم التربوي للبنات ينحصر في توفير الملبس والمأكل والمال وهناك بعض الأباء للأسف لا يوفر شيئاً مما ذكر لا مأكل ولا ملبس.
في مرحلة الطفولة تحتاج البنت لأمها لتقوم بأمرها وأيضاً تحتاج للأب العاقل الحنون المتفهم المربي الفاضل المستمع ويربي بطريقة صحيحه ويتعلم من النبي وهو خير من ربى البنات صلى الله عليه وسلم بكيفية معاملته لبناته.
أيها الآباء أحسنوا إلى بناتكم، فالبنت بوجه عام منذ نعومة أظافرها مخلوق متجمل تحب الإطراء وتطرب لسماعه وتؤثر فيها الكلمة الحسنة وتجعلها لينة طائعة تقبل التوجيه والنصح، عموماً البنات ضعيفات وعاطفيات يبحثن دائماً عن الأمان وأول من تنشد البنت عنده الأمان هو الأب وأول مكان تأوي إليه البنت عند شعورها بالخوف في أي مرحلة من مراحل حياتها للأب.
أيها الأب وفر الأمان النفسي لابنتك قبل الأمان المادي، وحينما يقصر في ذلك وتشعر البنت أنها قد افتقدت الأمان عند أبيها وفي بيت أسرتها ستطلب الأمان خارجه وقد تتلقفها الأيدي الكاذبة الخادعة الماكرة ذات المنطق المعسول وما أكثرها، وحينها لا يلوم الأب إلا نفسه بعد فوات الأوان لأنه هو الذي دفع ابنته للانحراف بسبب سلوكه.
عزيزي أبو البنات علم بناتك إجلس مع بناتك ناقش بناتك لا تكن قاسياً أو متسلط أو مشغول إجعل بناتك يشعرون بالاهتمام منك سمعهن كلمات الرفق والتقدير تعلم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان في تعامله مع بناته وكيف كان يشعرهن بوافر حبه ورحمته بهن، فتوضح ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول، ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها. رواه أبو داود والترمذي
فرسول الله كأب يهش لابنته ويقربها إليه ويقوم لها ويجلسها في مجلسه وهي تبادله رفقا برفق ورحمة برحمة في قمة سامية في الخلق الرفيع والتربية الكاملة.
إن هذا التصرف من الأب يؤمن ابنته ضد الخطر الداهم من كل شيطان يلتف حولها أو يحاول إغواءها بنظرة مغرضة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب أو كلمة براقة تخطف الأبصار أو اهتمام زائف يلغي العقول ويذهب بالثوابت، إن مسئوليتكم أيها الآباء عظيمة نحو بناتكم فهن أمانة بين أيديكم ، فكم من صالحة أنشأت جيلاً عظيما كانت نتاج تربية صالحة من أبيها وأمها، وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها كانت نتاجاً لأب ظن أنه بالمال والطعام والشراب قد أدى كل ما عليه نحو بناته.