الحمار الوحشي والقرحة.
ماهي قصة هذا الحمار الوحشي, هل هي عن قوته وجلده وصبره؟
هل تتوقعون ان الحمار الوحشي يصاب بالقرحة مثل البشر؟
في محاضرة رائعة للدكتور روبرت سابولسكي، كان التركيز على السؤال المثير للاهتمام: لماذا لا تعاني الحمير الوحشية من القرحة بينما يعاني البشر. سلطت المحاضرة الضوء على الآثار الضارة للتوتر المزمن على حياة الإنسان وشددت على ضرورة فهم الأصول التطورية للاستجابات للضغط النفسي. وسلط الدكتور سابولسكي الضوء على الفرق الأساسي بين الإجهاد الحاد، الذي تعاني منه الحيوانات خلال الأزمات الجسدية قصيرة المدى، والضغط النفسي الاجتماعي المزمن الذي يواجهه البشر غالبًا. في حين تطورت الاستجابة للضغط كآلية بقاء للحيوانات، مصممة للتعامل مع التهديدات المباشرة، فقد قام البشر بتوسيع هذه الاستجابة لتشمل الضغوطات النفسية طويلة المدى مثل القروض الكبيرة, وضغط العمل، والمخاوف الاجتماعية.
وتطرقت المحاضرة إلى السياق التاريخي لصحة الإنسان، ومقارنة الأسباب الرئيسية للوفاة في الماضي، مثل الأمراض المعدية، مع الأمراض السائدة في العصر الحديث، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان والسكري. لقد أصبح من الواضح أنه بعد أن تغلب البشر على الأمراض المعدية وسوء الظروف المعيشية، فإنهم يواجهون الآن تحديًا جديدًا يتمثل في الوقوع ضحية للأمراض المرتبطة بالتوتر الناتجة عن تراكم الأضرار الناجمة عن عوامل نمط الحياة مع مرور الوقت.
وأكدت المحاضرة على أهمية فهم مفهوم التوازن الذي يشير إلى حالة التوازن المثالية للجسم. الضغوطات، سواء كانت جسدية أو نفسية، تعطل هذا التوازن وتؤدي إلى الاستجابة للضغط، مما يؤدي إلى تغيرات فسيولوجية مختلفة. ومع ذلك، في حين أن الحيوانات تنشط هذه الاستجابة بشكل انتقائي ولفترة وجيزة، يميل البشر إلى تنشيطها بشكل مزمن بسبب قدراتهم المعرفية والخيال وتوقع الضغوطات المستقبلية. كما سلطت محاضرة الدكتور سابولسكي الضوء على العمل الرائد الذي قام به هانز سيلي، الذي أجرى تجارب على الفئران وأظهر أن التعرض لظروف عامة غير سارة أدى إلى ظهور القرحة لديهم. وكشفت هذه النتيجة أن الأمراض المرتبطة بالتوتر لا تقتصر على تحديات فسيولوجية معينة، بل هي نتيجة لاستجابة الجسم للضيق العام.
مسألة سبب عدم إصابة الحمير الوحشية بالقرحة, القى الضوء على مفارقة التوتر في حياة الإنسان. وبينما تقوم الحيوانات بتنشيط الاستجابة للضغط بشكل انتقائي ولفترة وجيزة، فإن تعرض البشر المزمن للضغط يضر بسلامتهم. ومن خلال إدراك تأثير التوتر واعتماد آليات فعالة للتكيف، يمكن للأفراد أن يسعوا جاهدين من أجل حياة أكثر صحة وأكثر توازنا.
فهدئ من روعك, وحاول أن تعمل بذكاء وليس بجهد.
للتواصل مع الكاتب adel_al_baker@hotmail.com

