
مما سمعته من شيخنا المفضال صالح العصيمي – حفظه الرب العلي – قصة ذكرها عن العلامة الفقيه القاضي عبدالله بن حميد – رحمه الله – أظن، وهي أن أحدهم قال له – على مرأى من طلابه -: الناس وصلوا القمر، وأنتم تقرؤون في هذه الكتب؟ فأجاب على البديهة: وأنت لم تصعد القمر، ولم تجلس تطلب العلم وتقرأ الكتب!
قال أبو عبدالملك: فعلا وصدقا، رأيناهم وما أكثرهم – لا كثرهم الله -، يزهدون في العلم والكتب، وإذا حدثته أو سمعك تحدث في هذا المضمار، سبق يلوك الكلام بلسانه الجهول: الجوال بأيدينا فيه كل شيء، لا نحتاج إلى الكتب! مسكين، ضائع، تائه، حيران، لا يعلم أن التقنية مسهلة للمعلومة نعم، فالمكتبة الشاملة مثلا للبحث أسهل من الكتب الورقية، لكن القراءة التأصيلية، والالتذاذ بالقراءة يكون أكثر وأعظم وأبرك مع الكتب الورقية، والكتاب الورقي يغلب الكتاب الإلكتروني من هذه الناحية.
ثم يقال لمن يطلق مثل تلك العبارات: وأين أنت وما هو موقعك في طلب العلم والقراءة؟ أقول أنا كما شاهدته: لا يملك من العلم شيئا لا قليلا ولا كثيرا، ولا من الثقافة، غاية ما هنالك جهل مركب، وانتفاش فضيع على لا شيء، وزهو وعجب وكبر، ومراء وجدال، وهذا حال أكثر أهل عصرنا والله المستعان.
وفي الآونة الأخيرة أصبحت لا أجادل كثيرا خاصة مع بعض أرباب الحمق والزهو والمبطلين، فاسترحت وأرحت ونصيحتي لك أيها الأخ المبارك: شق طريقك بإيمان، واطلب العلم، واقتن الكتب، ولا تلتفت للمستهترين، والحمقى والمغفلين، فنحن في زمان بلينا بتعمد الكثير إظهار نقص عقولهم، سواء في المقروء أو المرئي أو المسموع، أو في الحوارات والنقاشات.
للتواصل مع الكاتب Abdurrahmanalaufi@gmail.com